“السعودية لديها طائفتان سنية وشيعية، وفي المذهب السني أربع طوائف، وللشيعة طوائف مختلفة كذلك، وهم ممثلون في عدد من الهيئات الشرعية، ولا يجوز لأي شخص ترقية إحدى هذه الطوائف إلى جعلها الطريقة الوحيدة لرؤية الدين في المملكة العربية السعودية، يقول ولي العهد السعودي محمد. بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود بحسب الترجمة العربية التي نشرتها “وكالة الأنباء السعودية” في 3 آذار / مارس.

ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان

يهدف إلى ترسيخ التعددية الطائفية في المملكة العربية السعودية، وتقديم المملكة كوطن لمكوناتها المجتمعية المختلفة، وأن “المواطنة” هي لبنة البناء الأساسية للدولة، وللمواطنين المختلفين الحق في اختيار المذهب الإسلامي الذي ينتمون إليه. الانتماء، دون تمييز أو تفضيل لشخص أو طائفة على أخرى. للسعوديين حقوق وعليهم واجبات وهم متساوون في ذلك.

عندما أعلن الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، عام 1932، قيام الدولة السعودية الثالثة، وتوحيد شبه الجزيرة العربية، علم أن دولته تحتضن ثقافات وقبائل وطوائف متعددة، وأن أحد عناصر قوة الدولة. هو الحفاظ على التعايش السلمي بين جميع هذه المكونات، وجعلها تتعاون فيما بينها. وأنه كقائد لهذا الشعب، فهو يمثل رمز وحدتهم، وبالتالي فإن لبنة البناء هي العمل “السياسي” وليس “العمل” الديني، حيث قامت الدولة على رؤية سياسية تهدف إلى التنمية والأمن و المزيد.

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن

الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن

التعددية القائمة!

أصدر مركز المسبار للأبحاث والدراسات عام 2015 كتابه الشهري رقم 107: “التعددية في الخليج وجواره: الواقع والآفاق”. شاركت في دراسة حول التنوع الطائفي في المملكة العربية السعودية، بعنوان “التعددية التي لا يمكن رؤيتها”. اعتراض شريحة كبيرة من رجال الدين المتشددين، الذين سعوا إلى تصوير المملكة في صورة دولة سلفية، لا ينبغي تدنيس سلفيتها من قبل أي رؤية عقائدية أو عقائدية أخرى، حيث يجد رجال الدين هؤلاء نوعًا من الانتهاك. الشريعة والبدعة والانحراف عن الدين. الصورة النمطية أكثر سلبية، حيث يلقي ستار يمنع رؤية أي تنوع داخل مجتمع لم يكن موجودًا طوال تاريخه، حيث أن “الفرد السعودي يحمل سمات عامة تشكل هويته الوطنية، وفي نفس الوقت لديه الهوية التي نتجت عن حاضنة أسرته الاجتماعية والطائفية والمناطقية والمباشرة “. هذا التنوع هو ما تراه “رؤية المملكة 2030” كعامل قوة وثروة، وتريد تحويل هذه التعددية إلى عنصر جذب، فالسعودية دولة إسلامية عربية كبرى، منفتحة على الأديان والمذاهب والثقافات المختلفة.، وبالتالي يحمل المشروع الرافض للخطابات الطائفية وأفكار التطرف والإرهاب.

التنوع الديني!

خريطة المذاهب الإسلامية في المملكة العربية السعودية تناولتها بالتفصيل “الدراسة” المشار إليها أعلاه والتي يمكن تلخيصها في الآتي:

المنطقة الوسطى، وعاصمتها الرياض، والمدن الكبرى مثل بريدة وعنيزة والقصيم والزلفي وغيرها، والمذهب الحنبلي الفكري التابع لمدرسة الإمام أحمد بن حنبل، وتحديداً بنسختها التي طورها شيخ الإسلام. يسود تقي الدين أحمد بن تيمية، ولاحقاً الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

تضم المنطقة وزنًا علميًا حنبليًا. فيها العديد من الشخصيات العلمية المؤثرة مثل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ والشيخ عبد العزيز بن باز والشيخ محمد بن صالح بن عثيمين وغيرهم.

الشيخ عبد العزيز بن باز

الشيخ عبد العزيز بن باز

تاريخيًا، كانت المنطقة الوسطى أيضًا موطنًا لكثير من العائلات “الشيعية”، بقي بعضها حتى الآن في الرياض، بينما تحول البعض الآخر إلى المذهب السني، بينما ربط عدد منهم هويتهم الطائفية بين ممارسات المعتقدات. وطقوس من الحضارة السنية والشيعية.

المنطقة الغربية المعروفة تاريخياً بـ “الحجاز”، وتضم الحرمين الشريفين في مكة المكرمة والمدينة المنورة، بالإضافة إلى مدن مثل جدة وينبع. يتبع سكانها عدة طوائف، لكن أبرزها طائفتا المالكي والشافعي، بالإضافة إلى العديد من الطرق الصوفية التي انتشرت مواسمها وزواياها في بداية القرن الماضي قبل هذه التكيات. تمت إزالتها، وكانت مقتصرة على احتفالات وأعياد ميلاد محدودة.

الطائفة الإثنا عشرية الشيعية موجودة أيضًا في الحجاز، وتحديداً المدينة المنورة، وكذلك في جدة، وإن كان ذلك إلى حدٍّ محدود.

ومن أبرز علماء المالكي في الحجاز الشيخ علوي عباس المالكي ومحمد علوي المالكي. أما الشافعيون، فإن أشهر بيوتهم: الزواوي، وبسيل، واليماني، والصدى المراغنة. ومن بينهم الشيخان محمد سعيد يماني، ومحمد حسن يماني، والشيخ ياسين فادن، واشتهر الأخير بكونه محدثًا وليس فقيها. ومن الشخصيات الشافعية المعاصرة وزير النفط السعودي الراحل أحمد زكي يماني، والدكتور عمر كامل، والشيخ عبد الله فراج الشريف.

السيد علوي المالكي

السيد علوي المالكي

في حين يعتبر الشيخ محمد علي العمري أبرز الأسماء الشيعية في المدينة المنورة، قبل وفاته عام 2011.

وكان للحنفية بدورهم حضور تاريخي في الحجاز وتحديداً في مكة المكرمة. يأتي الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن سراج كأحد الأسماء العلمية للمذهب الحنفي، حيث كان مفتي الحنفية وقاضي قضاة مكة، ومرجعاً في الفقه، قبل وفاته عام 1848.

المنطقة الشرقية وتشمل الأحساء والقطيف والدمام والظهران والخبر وغيرها. في مدن القطيف والعوامية وسيهات وصفوى وباقي قرى محافظة القطيف، إضافة إلى جزء كبير من محافظة الأحساء، دون إغفال وجود المواطنين السعوديين السنة في محافظة القطيف وتحديداً في : عنك، الزور، دارين، كلاب.

يمكن اعتبار الأحساء مثالاً للتنوع الطائفي والتعايش السلمي بين مختلف المكونات السعودية، حيث تضم المواطنين الشيعة والسنة.

الشيخ عبد الحميد خاطي

الشيخ عبد الحميد خاطي

كان للعديد من الأسماء العلمية الشيعية في المنطقة الشرقية حضور فقهي وشعبي أثر على أتباعهم، مثل: الشيخ علي أبو عبد الكريم الخنيزي، والشيخ عبد الحميد الخطي، والشيخ عبد الهادي الفضلي، وسيد ماجد العوامي، والشيخ. محمد الهاجري والشيخ حسين العمران والسيد علي سلمان وآخرون.
من جانبها، ضمت عائلة المبارك في الأحساء العديد من علماء المالكي البارزين، من بينهم الشيخان عبد الحميد المبارك وقيس المبارك.

الشيخ قيس الشيخ مبارك

الشيخ قيس الشيخ مبارك

وكان الشافعيون يتواجدون في الأحساء وسط عدد من البيوت المشهورة، أغلبهم يقيمون في مدينتي الهفوف والمبرز. يعتبر الشيخ أحمد بن عبد الله الدوجان، المتوفى في أكتوبر 2013، من أبرز رجال الدين الشافعي.

عائلة “الملا” هي إحدى بيوت الأحساء، وينتمي العديد من أفرادها تاريخياً إلى المذهب الحنفي، ومن شخصياتهم الشيخ أبو بكر بن عمر الملا، وابنه عبد الله.

المنطقة الجنوبية وتشمل نجران وجازان وعسير وغيرها من المدن والقرى المتفرقة. في هذه المنطقة تختلط الطائفة بالقبيلة، حيث تتواجد الأخيرة كعنصر رئيسي وفاعل، وهي أهم من الطائفة وقبلها. حيث لا يزال لشيخ القبيلة كلمة محترمة ومسموعة.

تعيش قبيلة يام في نجران، ويتبع العديد من أفرادها الطائفة الإسماعيلية الشيعية، والمعروفة باسم مكرامة.

يعتبر الشيخ عبد الله بن محمد المكارمي، المتوفى في أبريل 2015، من أبرز زعماء القبائل والطائفية للإسماعيليين في المملكة. وتولى شؤون الطائفة الشيخ أحمد الجمالي المكرمي.

الشيعة الزيديون، الذين تشكل اليمن، وتحديداً العاصمة صنعاء، مركز ثقلهم البشري والعلمي، لهم وجود محدود ومحدود في جنوب المملكة. ومع ذلك، فإن معظم الزيديين إما انتقلوا إلى اليمن، أو انحدروا في النسيج الإسلامي السني العام.

تاريخياً، اعتنق سكان عسير المذهب الشافعي. إلا أن غياب الرموز العلمية في المنطقة عن مخاطبة الفتوى، وانشغال أهلها بالعمل والزراعة والميدان، وطبيعة التدين البسيط والفطري، دفع العديد من الشافعيين إلى التوجه إلى المذهب الحنبلي، لا سيما المذهب الحنبلي. بعد دخول “المعاهد العلمية” ووفود رجال الدين للتبشير.

ثروة سعودية!

يظهر التوزيع الجغرافي الطائفي السابق تداخلًا بين الثقافات والطوائف المتعددة، وأن الحدود المتخيلة والانقسامات الطائفية السياسية هي نتاج خطاب متشدد استخدم الدين لتحقيق أهداف سياسية وحزبية محددة، وأيضًا بسبب القراءة النمطية للدين من قبل بعض التيارات التي كانت تريد تعميم صورة واحدة ترى أنها الصواب المطلق، وهو نهج يتعارض مع الطبيعة البشرية، ويتناقض مع واقع ما هو موجود في السعودية منذ قرون. ومن هنا جاءت “رؤية المملكة 2030” لإعادة الاعتبار للتنوع وحفظه تحت سقف الدولة وحمايته بقوة القانون.

تلاشت الطوائف على مدى مئات السنين الماضية، وإذا كان هذا التقارب قد شابه بعض التوتر، وهو أمر طبيعي يؤثر على أي مجتمع، ويحدث داخل المكون الطائفي الواحد، ولكن الأصل هو العلاقة الجيدة و التعايش بين الناس، والتعامل التجاري، والتعاون في حالة الأزمات والمحن لتجاوزها.

هذا إرث إيجابي عظيم. “المتشددون” لا يريدون أن يُخبروا أو يروا، لأنهم يريدون الترويج لروايتهم على أساس استبعاد المختلف، وهي الرواية “المضللة” التي لا مكان لها في السعودية اليوم.

السعوديون اليوم يخلطون طوائفهم وقبائلهم وعائلاتهم وثقافاتهم في مناطق ومدن وقرى مختلفة، وهم يعملون على تجاوز ثقافة “الغيتو” التي ترسخت في الخطابات الطائفية الصارمة لأكثر من أربعين عاماً!

اليوم، أكبر المدن السعودية هي مزيج من مزيج سعودي من الطائفية والثقافية والقبلية. في كثير من أحياء هذه المدن توجد منازل للشيعة والسنة السعوديين القبليين والحضريين، حيث يعيدون بناء هويتهم السعودية الحديثة، وهي هوية تؤمن بأن التعددية عاصمة رمزية وثقافية مهمة، وأحد الثروة الوطنية التي يجب الحفاظ عليها. وحمايته من دعوات الكراهية والتعصب والعنف.

الحفاظ على التنوع!

هذه التعددية الطائفية مصونة قانوناً وفق ما ورد في الفصل الثالث من “النظام الأساسي للحكم” الذي جاء تحت عنوان “مقومات المجتمع السعودي” حيث نصت مادته الثانية عشرة على أن “تعزيز الوحدة الوطنية واجب، و الدولة تحرم كل ما يؤدي إلى الفتنة والفتنة. والانقسام “.

الملك سلمان بن عبد العزيز

الملك سلمان بن عبد العزيز

أكد الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، الذي تولى السلطة في يناير 2015، في أكثر من خطاب على أهمية ترسيخ مفهوم المساواة بين المواطنين، وعدم تفضيل الفرد على الآخر، قائلاً: “كل مواطن في بلادنا و كل جزء من وطننا الغالي هو اهتمامي واهتمامي، فلا فرق بين مواطن وآخر ولا بين منطقة وأخرى “. وأضاف: “نؤكد حرصنا على معالجة أسباب الخلاف وأسباب الانقسام، والقضاء على كل ما من شأنه أن يصنف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية”. أهل البلد متساوون في الحقوق والواجبات “.